
التعليم في المغرب.. ذو وجهين! بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة التربية الوطنية
محمد سعيد الأندلسي
في المغرب، يبدو أن التعليم يسير على سكّتين مختلفتين، تحمل كل واحدة منهما طابعًا خاصًا ورسالةً متباينة، وإن كانت تخدم في الظاهر هدفًا واحدًا: تربية المواطن المغربي.
الأولى تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والثانية تديرها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. والفرق بينهما لا يكمن فقط في الإدارة، بل في الفلسفة، والرؤية، وحتى في الكرامة والاعتبار.
في الكتاتيب والمدارس العتيقة، يتربّى الطلاب على قيم القرآن، ويتعلّمون الانضباط والاحترام في ظل ظروف بسيطة جدًا، وبإشراف فقهاء يتقاضون رواتب هزيلة بالكاد تكفي لتأمين معيشة كريمة.
في المقابل، نجد في المدارس العمومية تكدسًا، واكتظاظًا، ونقصًا في الموارد، وأحيانًا خللًا في القيم، حيث يضيع التلميذ بين مناهج متهالكة، وأساتذة يعانون في صمت.
أما التعليم الخصوصي، فقد تحول إلى مشروع استثماري بامتياز، يبيع المعرفة بسعر مرتفع، ويعزز التفاوت الطبقي، بدل أن يسهم في تقليصه. بين هذا وذاك، تاه التلميذ المغربي، وضاع المستقبل بين شِقّي التعليم: التقليدي والمُعَصرن، الديني والمدني، القيمي والوظيفي.
في وزارة الأوقاف، هناك نظام صارم وهيكلة منضبطة، لكن الرؤية محدودة.
وفي وزارة التربية، هناك شعارات كثيرة، وإصلاحات متلاحقة، لكن التطبيق غالبًا ما يكون مشوّشًا، ويصطدم بواقع هش.
هل من الضروري أن يكون هناك هذا الفصل الحاد؟
أليس من الممكن توحيد الجهود، وتكامل الأدوار، لبناء إنسان مغربي متوازن، يجمع بين العلم والدين، وبين العقل والقيم؟
إننا في حاجة إلى تعليم واحد، متكامل، عادل، يُعيد الاعتبار للمربي، ويحترم المتعلم، ويهيئ المواطن للمستقبل دون أن يفقد جذوره.