
ملف ملعب “Le Padel” يثير الجدل في طنجة.. تساؤلات حول قانونية الترخيص وآثار محتملة على العمدة
تعيش مدينة طنجة منذ أسابيع على وقع نقاش واسع حول مشروع ملعب “Le Padel” بتجزئة “La Prairie Rose 2” بحي بوبانة، بعد أن تبيّن أن المشروع أُقيم فوق قطعة أرض مخصصة في الأصل للعب الأطفال، قبل أن تُحوَّل إلى ملعب رياضي ومقهى وقاعة ألعاب دون الحصول على الترخيص القانوني المسبق.
القضية تفجّرت عندما تقدّم سكان الحي بعدة شكايات إلى السلطات المحلية والوكالة الحضرية ومصالح التعمير، معتبرين أن المشروع يشكّل اعتداءً على حقهم في بيئة سكنية هادئة، ويخالف دفتر التحملات الأصلي المعتمد منذ سنة 2019.
وبناءً على تلك الشكايات، قامت لجنة مختلطة بزيارة ميدانية يوم 10 أكتوبر 2024، خلصت إلى أن المنشأة بُنيت فعلاً دون ترخيص، وأوصت بوقف النشاط وإلزام الشركة بتقديم الوثائق اللازمة. وقد أكدت الوكالة الحضرية لطنجة في مراسلتها الرسمية صحة هذه الملاحظات، وأوضحت أن المشروع غير قانوني من حيث المساطر الإدارية والتنظيمية.
غير أن المفاجأة – حسب المعطيات المتداولة – كانت في صدور رخصة بناء رسمية لصالح الشركة بتاريخ 7 يوليوز 2025، موقعة من طرف رئيس جماعة طنجة منير الليموري، تحت رقم GUctgr-0153/2025، تسمح بتهيئة الملعب فوق نفس العقار الذي اعتُبر سابقًا مخالفًا.
هذا القرار أعاد الملف إلى الواجهة، وأثار تساؤلات حول مدى قانونية منح الترخيص بعد صدور محاضر رسمية تؤكد المخالفة، خصوصًا وأن هناك دعوى قضائية مفتوحة أمام المحكمة الابتدائية بطنجة تتعلق بالمطالبة برفع الضرر وهدم البناء.
من الناحية القانونية، يُعتبر منح الترخيص بعد إنجاز الأشغال نوعًا من التسوية بأثر رجعي، وهو ما يتعارض مع مقتضيات القانون رقم 12-90 المتعلق بالتعمير، الذي ينص بوضوح على أن أي ترخيص يجب أن يُمنح قبل بداية الأشغال. كما أن تجاهل توصيات الوكالة الحضرية يمكن اعتباره خرقًا للمادة 101 من القانون التنظيمي 113-14 الخاص بالجماعات، والذي يُلزم رؤساء الجماعات باحترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
ويرى متتبعون أن هذا الوضع قد يضع العمدة أمام مساءلة قانونية، خاصة أن المادة 64 من القانون نفسه تخوّل لوزير الداخلية إمكانية عزل رئيس جماعة إذا ارتكب خطأ جسيماً يمس المرفق العام أو خالف القوانين التنظيمية.
من جهة أخرى، يعتبر بعض المراقبين أن العمدة حاول تسوية وضعية قائمة لتفادي تعطيل مشروع استثماري، غير أن ذلك لا يعفي من ضرورة احترام المساطر القانونية، لأن مبدأ سمو القانون يعلو على كل اعتبار آخر، ولأن دفتر التحملات المصادق عليه يُعدّ عقدًا قانونيًا لا يمكن تغييره دون ترخيص جديد ودراسة بيئية مسبقة.
القضية، إذن، تجاوزت حدود نزاع عمراني بسيط، لتتحول إلى اختبار حقيقي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإلى تساؤل مفتوح حول مدى قدرة السلطات الوصية على تفعيل الرقابة الإدارية وتطبيق النصوص القانونية بصرامة، كما حدث في حالات سابقة بعد عزل رؤساء جماعات في مدن مغربية أخرى بسبب مخالفات مماثلة.
ويبقى القرار النهائي في يد والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، الذي يملك صلاحية رفع تقرير مفصل إلى وزارة الداخلية لاتخاذ المتعين قانونًا. وبين من يرى أن الخطأ إداري قابل للتصحيح، ومن يعتبره تجاوزًا جسيمًا يستحق المساءلة، تبقى أعين الرأي العام معلقة على ما ستسفر عنه الأيام المقبلة في ملف “Le Padel”، الذي تحوّل إلى عنوان جديد للنقاش حول تدبير التعمير واحترام القانون في مدينة طنجة.



