
لولا عدسات الصحفيين لسُحِقوا سَحْقًا
محمد سعيد الأندلسي
في زمنٍ تُغسل فيه الحقيقة ببطانات الكلام الرسمي، وتُرمى الشكوك خلف ستائر الأمنيات الموعودة، تبقى عدسةُ الصحفيين النافذة الصغيرة التي تسمح للناس أن يتنفّسوا بصوتهم. لولا تلك العدسات، لما عرف المجتمع وجوه الذين داسهم الظلام، ولما وصلت صرخات المهمشين إلى ضمير المدينة.
في ساحة الأمم بطنجة، خرج المواطنون يحملون وجعهم وحقهم المشروع في الصحة والعلاج والكرامة. لم تكن هتافاتهم مجرد شعارات، بل صدى سنوات من الانتظار في طوابير المستشفيات، من الحرمان من دواء، ومن الألم الذي يذوب في صمت. ولكن القمع كان حاضرًا، والطوق الأمني يضغط على صدورهم، وكادت أصواتهم أن تُسحق.
هنا تتحوّل العدسة إلى درع للحق والكرامة، إلى عين ساهرة ترفض أن تتحوّل المعاناة إلى فراغٍ في الذاكرة الجماعية. فهي لا تنقل اللحظة فحسب، بل تجعلها إثباتًا عامًا لا يمكن تجاوزه، وتكشف هشاشة السلطة حين يواجهها السؤال المرئي.
إن خروج هؤلاء ليس نزوةً، بل اختبار للكرامة الإنسانية، واعتراف بأن الحق في الصحة واجب وليس امتيازًا. العدسة تمنح الصوت حيًا، والصورة شهادة، والوعي وسيلة مقاومة سلمية ضد الإخفاء والقمع، فتصبح الصحافة قوة أخلاقية تقاوم السحق والصمت.
#الصحة_حق_وليس_امتيازًا #طنجة #ساحة_الأمم #عدسات_الصحفيين #كرامة_المواطن #مساءلة_ومحاسبة