
اتفاق هش في السويداء… وقف إطلاق النار يتعثر وسط تبادل الاتهامات وتصاعد المواجهات
في مشهد يعكس هشاشة التفاهمات الميدانية بسوريا، عادت الاشتباكات مجددًا إلى مدينة السويداء اليوم السبت، رغم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق نار بين القوات الحكومية والفصائل المحلية، وبين العشائر العربية والطائفة الدرزية، وسط حالة من التوتر والغموض حول مستقبل الهدنة.
ورغم بدء قوات الأمن الداخلي السورية بالانتشار تنفيذًا لبنود الاتفاق، فإن الاشتباكات لم تهدأ، حيث أفادت مصادر محلية وإعلامية بأن مجموعات مسلحة حاولت التوغل داخل أحياء المدينة، ما أدى إلى مواجهات عنيفة مع فصائل درزية ومجموعات أهلية.
منصة «السويداء 24» أكدت أن الفصائل المحلية تصدت لمحاولات التسلل التي قامت بها مجموعات من خارج المحافظة، ووقعت المجموعات المهاجمة في كمائن أدت إلى خسائر في صفوفها.
وتزامن ذلك مع ظهور المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، في ريف السويداء، معلنًا بدء تنفيذ الاتفاق الذي يشمل نشر القوات الأمنية في كامل المحافظة، وإعادة المؤسسات الرسمية للعمل.
لكن الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، ممثلة بالشيخ حكمت الهجري، أكدت أن الاتفاق لا يشمل الانتشار الكامل داخل المدينة، بل يقتصر على أطراف المحافظة، ما يعكس وجود تباين واضح في تفسير بنود الاتفاق.
في المقابل، اتهمت مصادر من العشائر بعض الفصائل الدرزية بـ«خرق الاتفاق» و«الارتباط بأجندات خارجية مدعومة من إسرائيل»، مؤكدة التزامها بالتهدئة، لكنها عبّرت عن قلقها من تكرار سيناريو الأيام السابقة، خاصة بعد مقتل عناصر أمن وعشائر فيما وصف بـ«كمائن غادرة».
وشهدت مناطق متفرقة من السويداء احتراق سيارات واشتباكات مباشرة، ترافقت مع دوي قصف متقطع، فيما أظهرت مقاطع مصوّرة على مواقع التواصل مواجهات بالأسلحة النارية داخل أحياء المدينة.
وفيما أعلنت الرئاسة السورية وقفًا فوريًا وشاملًا لإطلاق النار، داعية جميع الأطراف للالتزام الكامل، ومحذرة من أن أي خرق سيُعد انتهاكًا للسيادة الوطنية، جاء خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع ليربط التصعيد بتدخلات إسرائيلية مباشرة، متهمًا تل أبيب بقصف مؤسسات حكومية في دمشق والسويداء، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع.
اللافت أن إسرائيل دخلت على خط التصعيد، حيث صرّح وزير خارجيتها جدعون ساعر أن “حماية الأقليات في سوريا هي مسؤولية دولية”، واعتبر أن ما يحدث يثبت مجددًا «خطر النظام السوري على الأقليات».
في المقابل، أعلنت العشائر العربية السورية التزامها بوقف إطلاق النار، ودعت إلى فتح باب العودة الآمنة ووقف الاقتتال الداخلي، مؤكدة أن أبناء العشائر «ليسوا دعاة حرب بل مدافعون عن كرامتهم»، داعية للإفراج عن المحتجزين وبدء حوار وطني شامل.
وتأتي هذه التطورات عقب اتفاق وصف بالحاسم، يقضي بتسليم السلاح الثقيل، ودخول قوات الأمن إلى مناطق السويداء كافة، ودمج الفصائل ضمن مؤسسات الدولة الأمنية، في خطوة تقول السلطات إنها تهدف لبسط الاستقرار، وسط دعم إقليمي من تركيا والأردن، ووساطة أميركية تم الإعلان عنها عبر المبعوث الأميركي توماس براك.
لكن واقع الحال على الأرض، والاشتباكات المستمرة، يوحيان بأن الهدنة ما زالت هشة، ومعلّقة على نوايا غير مكتملة بين الأطراف الفاعلة محليًا وإقليميًا.



