
هروب الشباب المغربي إلى سبتة: صورة تعكس اليأس الجماعي ونداء للتحرك الفوري
محمد سعيد الاندلسي
انتشرت كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي صورة مؤلمة لمجموعة كبيرة من الشباب المغربي وهم يسبحون نحو سبتة، في محاولة جماعية للهروب من وطنهم. سرعان ما جذبت هذه الصورة انتباه المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، مما أثار تساؤلات حول مصداقيتها، مصدرها، وتوقيت التقاطها.
أكدت التحقيقات لاحقًا أن الصورة حقيقية، مأخوذة من فيديو غير مفبرك يظهر شبابًا مغاربة يسبحون من شواطئ الفنيدق باتجاه سبتة في صباح يوم الأحد، 25 غشت 2024، مستغلين أول فرصة سنحت لهم للهرب.
من الجدير بالذكر أن هذه الصورة والفيديو المصاحب لها لم تقتصر على التداول في الصفحات المغربية فحسب، بل استغلتها أيضًا صفحات موالية للبوليزاريو وكابرانات الجزائر للسخرية من المغرب والمغاربة، في محاولة لتوجيه رسالة مبطنة للشعب الجزائري، وكأنما يعيشون في نعيم أرضي يتمتعون فيه بكامل الحقوق.
ولكن الحقيقة المرة هي أن معظم الشعوب العربية تشترك في ذات الهموم والمآسي، فليس وضع المغاربة مختلفًا كثيرًا عن إخوتهم في الدول العربية الأخرى. بل يمكن القول إن أي فرصة مشابهة تتاح لأي مواطن عربي للهرب من الظروف الصعبة في بلاده ستكون مغرية بنفس القدر. هذا الهروب يمثل للكثيرين فرصة ذهبية للابتعاد عن “حياة الماعز” التي يعيشونها في بلدانهم.
في بلاد الغربة، يأمل هؤلاء الشباب في الحصول على حياة كريمة، تحترم فيها حقوقهم، ويتساوى فيها الجميع أمام القانون. فهم يبحثون عن العدل والمساواة والعيش بكرامة، وهي أمور يصعب تحقيقها في العديد من الدول العربية.
الأمر الأكثر إثارة للقلق في الفيديو هو وجود أطفال قاصرين ضمن هؤلاء الهاربين، وهو مؤشر خطير على مدى اليأس وفقدان الأمل الذي يعاني منه مختلف فئات المجتمع المغربي. هذه الواقعة تدق ناقوس الخطر وتوجه رسالة واضحة للمسؤولين في البلاد: هناك أزمة حقيقية تستوجب النظر بجدية ومعالجة سريعة، وإلا فإن المستقبل قد يحمل في طياته تداعيات أكثر خطورة.
أعاد الحرس الإسباني لاحقًا حوالي أربعمائة مهاجر غير شرعي من الذين نجحوا في الوصول إلى سبتة، وأبلغ السلطات المغربية بأنه لم يعد يحتمل هذه الأوضاع، مشيرًا إلى أن الأمور قد وصلت إلى حد لا يطاق. هذه الرسالة تعكس حجم الأزمة وتضع على عاتق المسؤولين واجب التحرك الفوري لإيجاد حلول تضمن حياة كريمة للشباب في وطنهم، قبل أن يتحول حلم الهروب إلى كابوس يصعب السيطرة عليه.



