احتكار صفقات التأثيث الحضري بطنجة يثير تساؤلات حول الحكامة وتكافؤ الفرص

تشهد مدينة طنجة جدلًا متزايدًا بسبب احتكار مقاولة واحدة لصفقات التأثيث الحضري والبستنة وتهيئة الفضاءات العامة، رغم أن المدينة بحجمها وإمكانياتها يفترض أن تنشط بها عشرات المقاولات في هذا المجال.

وحسب معطيات متطابقة، فإن هذه المقاولة، التي يناهز نشاطها تسع سنوات متواصلة، تستفيد سنويًا من ميزانية تُقدر بنحو 8 مليارات سنتيم، وتنفرد بصفقات تتعلق بتجهيز الأرصفة، وصيانة الحدائق، وإنجاز فضاءات لعب الأطفال، سواء تعلق الأمر بمشاريع الولاية أو الجماعة أو وكالة تنمية أقاليم الشمال.

مقاولات محلية تشكو الإقصاء

عدد من أرباب المقاولات الصغرى بطنجة عبّروا عن استيائهم مما وصفوه بـ“الاحتكار غير المبرر”، مؤكدين أن الجهات المعنية تبرر منح الصفقات للمقاولة ذاتها بامتلاكها اليد العاملة الكافية والعتاد اللازم، في حين يرون أن هذه المبررات “واهية”، خصوصًا أن المشاريع لا تتطلب تجهيزات ضخمة، بل يمكن إنجازها من طرف مقاولات محلية شابة تتوفر على الكفاءة والخبرة.

ويشير بعض المتضررين إلى أن هذا الوضع أدى إلى إفلاس عدد من المقاولات الصغيرة وتسريح عشرات العمال، بعدما فقدوا الأمل في منافسة “المقاولة المهيمنة” التي تستحوذ على كل المشاريع المرتبطة بالمساحات الخضراء.

انعكاسات على الاقتصاد المحلي وجودة الخدمات

يرى مهتمون أن استمرار هذا الوضع يُلحق ضررًا كبيرًا بالاقتصاد المحلي ويُضعف التنافسية، كما ينعكس على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، خصوصًا في مجال صيانة الحدائق والفضاءات العمومية.
ويؤكد خبراء أن توزيع الصفقات بشكل متوازن كان سيسمح بخلق مئات فرص الشغل الإضافية في طنجة، ويُنشط الدورة الاقتصادية عبر تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة.

كما يربط آخرون بين مظاهر الاحتكار والاحتقان الاجتماعي الذي تعرفه بعض المدن، معتبرين أن غياب الشفافية والحكامة في تدبير المال العام من بين الأسباب التي تؤجج فقدان الثقة لدى فئة الشباب الباحثين عن فرص حقيقية للإدماج.

دعوات إلى التحقيق والشفافية

في ظل هذه المعطيات، تتصاعد الأصوات المطالبة بفتح تحقيق شفاف حول ظروف احتكار هذه المقاولة للصفقات العمومية بمدينة طنجة، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة لضمان تكافؤ الفرص بين جميع الفاعلين الاقتصاديين، وتحقيق العدالة في توزيع المشاريع العمومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى