
رسالة ماستر لآمال أغزافي تسلط الضوء على الجماعة المنفتحة بتطوان
محمدسعيد الاندلسي
في أجواء علمية متميزة، احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، يوم الإثنين 14 يوليوز 2025، مناقشة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، تخصص “القانون الإداري والسياسات العمومية”، تقدّمت بها الطالبة الباحثة آمال أغزافي، تحت عنوان:
“الديمقراطية التشاركية وسؤال التنمية الترابية: الجماعة المنفتحة لتطوان أنموذجًا”.
تُعد هذه الرسالة الأكاديمية محاولة بحثية جادة للغوص في واحد من أكثر المواضيع الحيوية راهنية وإلحاحًا، والمتمثل في الديمقراطية التشاركية، بوصفها إحدى ركائز الحكامة الجيدة وآليات التحديث المؤسساتي والتنمية الترابية المستدامة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الجماعات الترابية المغربية على مستوى التخطيط والتدبير والتشارك مع الساكنة.
واختارت الطالبة الباحثة جماعة تطوان كحالة للدراسة، نظرًا لانخراطها في برنامج “الجماعة المنفتحة” ضمن مبادرة الشراكة من أجل حكومة منفتحة (OGP Local)، وهو مشروع دولي يهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة والإشراك الفعّال للمواطنين في القرار العمومي المحلي.
وقد عملت الطالبة من خلال هذا البحث على تفكيك مفهوم الديمقراطية التشاركية، وتأصيله الدستوري والقانوني داخل المنظومة المغربية، من خلال قراءة متعمقة للفصل 139 من دستور 2011، الذي ينص صراحة على إحداث آليات تشاركية للحوار والتشاور من طرف الجماعات الترابية.
تألّفت لجنة المناقشة من أساتذة أكاديميين مرموقين، وهم:
الأستاذ الدكتور عبد الفتاح لهراوي (رئيسًا)
الأستاذ الدكتور إبراهيم بوتفرت (مشرفًا)
الأستاذة الدكتورة مارية بوجداين (عضوة)
الأستاذ الدكتور الحسن الشركلي (عضوًا)
الأستاذة الدكتورة رانية العلوي معاد (عضوة)
وقد تميّزت المناقشة بحوار علمي رفيع، تناول مختلف الجوانب القانونية والمؤسساتية والتطبيقية للموضوع، حيث أثنت اللجنة على المجهود الفكري والمنهجي الذي بذلته الطالبة في إعداد هذه الرسالة، وعلى قدرتها في الربط بين الإطار النظري والواقع العملي المحلي.
ركزت الباحثة آمال أغزافي في رسالتها على محورين أساسيين:
1. الإطار النظري والقانوني للديمقراطية التشاركية، والذي تناول تأصيل المفهوم، وتطوره في المرجعية الدولية، وأبعاده الدستورية والقانونية داخل التشريع المغربي، خصوصًا في ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (القانون 113.14).
2. الدراسة الميدانية لتجربة جماعة تطوان في مجال الديمقراطية التشاركية، من خلال تحليل الوثائق الرسمية، وتتبع مراحل الانخراط في برنامج الجماعة المنفتحة، واستعراض آليات التشاور والتواصل التي تم إرساؤها، وكذا الصعوبات التي تعيق إشراك المواطن في تدبير الشأن العام المحلي.
توصلت الباحثة إلى جملة من الخلاصات المهمة، أبرزها:
أن جماعة تطوان أحرزت خطوات معتبرة نحو إرساء ديمقراطية تشاركية فعلية، خاصة عبر تبنيها لمبادئ الشفافية وتوفير المعلومة العمومية.
إلا أن الممارسة الفعلية لا تزال تواجه تحديات بنيوية، تتعلق بثقافة المشاركة، وبضعف الإطار المؤسساتي واللوجيستيكي، وبالتمثيلية الفعلية للمجتمع المدني.
دعت الباحثة إلى ضرورة تعزيز دور اللجان الاستشارية، وتحسين مستوى التفاعل بين المنتخبين والمواطنين، وبلورة آليات لتقييم السياسات التشاركية وتأطيرها قانونيًا بشكل أكثر وضوحًا وصرامة.
في ختام الجلسة، منحت اللجنة العلمية للطالبة آمال أغزافي شهادة الماستر بميزة “مشرف جدًا”، مع توصية خاصة بمواصلة البحث العلمي في هذا المجال الواعد، والعمل على تطوير الموضوع في أفق إعداد أطروحة الدكتوراه أو تحويل الرسالة إلى مؤلف أكاديمي.
وتُعد هذه الرسالة نموذجًا لما يمكن أن تفرزه الجامعة المغربية من طاقات علمية شابة، قادرة على الإسهام في التفكير العمومي وتحسين السياسات المحلية انطلاقًا من التحليل الميداني والواقعي، في انسجام مع توجهات الدولة نحو تعزيز الحكامة الترابية والديمقراطية المحلية.



