“بيت الشعر” بإمارة الشارقة حاضن الشعر والشعراء

ما زال “بيت الشعر” التابع لدائرة الثقافة بإمارة الشارقة في الإمارات، يتابع بنجاح باهر فعاليات ونشاطات منتدى الثلاثاء الأسبوعية، تحت رعاية حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي وبإشراف محترف عارف من الشاعر محمد البريكي مدير هذا الصرح الإبداعي العربي.. وقد عرب هذا ألبيت العامر والشاعر يومه الثلاثاء، كعادته، الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر في أمسية شعرية، تخللها جمع غفير، من الحضور الذي ضم مثقفين وإعلاميين ومهتمين بالشعر ، حيث احتفى بالشعراء : أبوعبيدة صديق من مصر، ومحمد الحوراني من الأردن، ومحمد المؤيد مجذوب من السودان، وذلك بحضور الشاعر  المبدع محمد عبدالله البريكي.

وافتتح الجلسة محمود شردي، الذي أشاد بدوره ببيت الشعر الذي سعى ويسعى دائماً لإثراء المشهد الشعري العربي بالجمال، وذلك من خلال أستضافته لشعراء يحملون في طيات قصائدهم كل ماهو حقيقي وإنساني، ليتيح بعدها مدير الجلسة المجال للشعراء المحتفى بهم، حيث صدحت حناجر الشعراء بسمو القوافي، وعذب الكلام، وزلال الخيال، والسفر نحو سماوات الابداع ليكون الشعر سيد الموقف، وأستمر الشعراء بالقراءات التي تنوعت على مواضيع عدة كان من أبرزها، موضوع، شرف نيل الشهادة في سبيل الوطن، وما يحيطها من قيم سامية، وكذلك موضوع، الإشادة بدور المعلمين المشرق في سماء الإنسانية،ولأنهم قاب قوسين او أدنى من كونهم رسلاً، ولأن الوجدان كيونة لازمة،للإنسان فقد كان للشعر الوجداني بتجلياته المتنوعة حضوراً فاعلاً في قراءات الشعراء الثلاثة، الذي أتسمت بلغة، شعرية غنية وعالية، أطلق الشعراء عبرها نوارس أخيلتهم في فضاءات القصيد. ابتدأت القراءات بالشاعر المصري أبوعبيدة الذي أفتتح باب قصائده بتوصيات اللقاء مع المحبوب ولأن الحب سنة حياة، قال : قف حيث شئت ترانيمٌ وأقداحُ طعم المحبة إن ذقناه فضَاحُ لا يسلم المرء من قدر يلاحقه  كل المقادير عند الوصل أفراحُ لي في المحبة بابٌ حين تفتحُه  يد الحبيب، وجيبُ القلب يرتاحُ بابٌ ومن شجر التقوى قوائمه  وكل قفلٍ عليه .. فيه مفتاحُ ثم تغنى أبو بدور المعلم المضيء، في قصيدة جارى بها قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي الخالدة التي تشيد بدور المعلم وتدعو لاحترام، ما يقوم به من بذل وعطاء يقول: هل أتعبوكَ أم الطريق طويلُ أم أن ما تعطيه بعدُ قليلُ لو أنها منذُ البدايةِ أوضحت  ما كان يجمعنا الغداة سبيلُ ثم شدا للنيل والحب في نصوص عذبة اللغة تغرف من بحور السهل الممتنع، وتشف عن شاعر مطبوع مخلص للشعر. تلاه الشاعر محمد الحوراني الذي افتتح بقصيدة محملة بالدلالات اللفظية والمعنوية بعنوان “الظل”، تشظت فيها الذات بين الغربة والمنفى، وترمز بالظل للوطن/الذكريات/ والأحباب، يقول: غادرتُ مملكتي.. وهناك ظلّي  لم يزل يرنو إلى لقيايَ لكنّي عزفتُ عنِ الرجوعِ المرّ..  حين رأيتً أنّ المدَّ متّصلُ.. وأنّ الوصلَ .. لا يصلُ.. ثم غالب ظنونه وهو يعبر نحو ذاته ليصل، في محاولة للبحث عنها مرتقيا فضاءات القصيد، يقول: أغالب ظني، وأعبر  نحو الطريق المؤدي إليّ وأعرف أني إذا ما تراءى المسار  أسير إلى مرتقى أزليّ أغالب ظني وأسبر هذا الفضاء  المؤجل في البحث عني ثم قرأ نصوصاً استلهمت التراث،

وأثارت الأسئلة الجدلية والوجودية، نالت الإعجاب والتصفيق. تلاه الشاعر محمد المؤيد مجذوب الذي افتتح قراءاته بقصيدة تبرز، و تعلي قيمة الشهادة، في تصوير درامي لمشهد الشهيد المسجى في تابوته شاكرا ربه لأنه سيحتضن أرض وطنه، يقول: طفلٌ عَلى التّابُوتِ يشكُرُ رَبّهْ إِذ أًرضُ موطِنِه سَتَرقُدُ قُربَهْ طِفلٌ وعلق في السماء نوارساً وَعَلى نَقَاءِ الحبّ أَرخَى هدبَهْ لَو جُلتَ فِي عَينَيهِ نِصفَ دَقيقةٍ لَرأَيتَ مَن عشِق البِلادَ تَشبّهْ ثم رثى شاعر السودان الراحل إدريس جماع في قصيدة أهداها إليه، شكلت لمسة وفاء من جيل لاحق لجيل سابقٍ ترك إرثا شعريا يُعد مدرسة في الشعر فنيا وإنسانيا، يقول: ضاقَ الوعاءُ فكيف يحملُ روحا ؟ جرحٌ بجسمكَ ؟ أنتَ لستَ جريحا من صَرخةِ الوجَع التِي أطلقتَهَا  فسمعتَ من كل الجِهاتِ فحيحا “أنتَ السماءُ بدتْ لنا واستعصَمت” أمّا وضوحك لايزالُ وُضوحا قرأ بعدها نصا أعلن عبره بدايات انهزام روحه/احتماله  أمام حكايات الأنهار، وارتقاء أرواح الشهداء للأعالي، محلقا بالحضور عبر جناحين من لغة وخيال، نال الاستحسان والاحتفاء. وفي ختام الأمسية كرم الشاعر محمد عبدالله البريكي المشاركين على هامش الأمسية،من الشعراء ومقدم الأمسية. وبيت الشعر في الشارقة تأسس في نوفمبر من العام 1997، برعاية من حاكم الشارقة سلطان بن محمد القاسمي، ليكون “بيت الشعر ” بيتاً للشعراء وضيوفه من كل البلدان العربية، وقد تم من خلاله أستضافة العديد من الشعراء الإماراتيين والعرب.. والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى