انطلاق الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024: تحديات وأهمية المشاركة الجامعية في دعم التنمية

في يوم الأحد، 1 سبتمبر 2024، يشهد المغرب انطلاق الإحصاء السابع للسكان والسكنى، والذي يستمر لمدة شهر كامل (1-30 سبتمبر 2024). تولي الحكومة المغربية، بالتعاون بين وزارة الداخلية والمندوبية السامية للتخطيط، أهمية كبرى لهذا المشروع تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية. وقد وجه جلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى رئيس الحكومة، مشدداً على الأهمية البالغة لهذه العملية التي تنظم كل عشر سنوات بهدف حصر الساكنة القانونية للمملكة وتحديد بنياتها الديموغرافية وخصائصها الاجتماعية والاقتصادية في مختلف جهات وأقاليم وعمالات المملكة.

أكد جلالة الملك أن الإحصاء العام للسكان والسكنى يعد أداة حيوية لتوجيه الإصلاحات والسياسات العمومية في مجالات التنمية المختلفة، مثل التربية والتشغيل والصحة والتخطيط الحضري والتنمية القروية. كما أوضح أن النتائج المتوقعة من هذه العملية ستساعد على تحديد احتياجات المجتمع، وتسهيل التحكم في النمو الديموغرافي وإدارة الموارد البشرية والطبيعية بشكل أفضل.

تأتي هذه العملية بالتوافق مع توصيات لجنة الإحصاء التابعة للأمم المتحدة، حيث سخرت الحكومة إمكانيات مالية وبشرية ولوجستية ضخمة لضمان نجاحها. تم تعبئة 55 ألف شخص من الباحثين والمراقبين والمشرفين، يشكل حاملو الشهادات والطلبة نسبة 60%، بينما يمثل موظفو التعليم 32%، ويشارك موظفو الإدارات والمؤسسات العامة والخاصة بنسبة 8%.

وتتميز عملية الإحصاء لهذا العام باستخدام استراتيجية وطنية جديدة تعتمد على التكنولوجيا الرقمية، حيث تم توفير 55 ألف جهاز لوحي مزود ببرنامج تطبيقي مخصص لجمع وتحليل البيانات بدقة. وقد خصصت الحكومة ميزانية ضخمة تقدر بـ 1.46 مليار درهم، موزعة بين تعويضات المشاركين، والوسائل اللوجستية، والوسائل التكنولوجية الحديثة.

رغم الأهمية الكبيرة للإحصاء في تقديم معطيات دقيقة حول السكان والسكنى، يُلاحظ غياب واضح للجامعة المغربية وأطرها الأكاديمية في هذه العملية. لم تصدر أي مذكرة جامعية تحث الأساتذة والطلبة والأطر الإدارية على الانخراط في الإحصاء، رغم أن الجامعات تمتلك المعرفة والخبرة اللازمة للمساهمة في هذا الورش الوطني الكبير من خلال دراسات وتحليلات علمية تعزز عملية التخطيط والتنمية.

تعتبر عملية الإحصاء فرصة كبيرة للجامعة المغربية والمراكز البحثية لتعزيز مساهمتها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتخطيطية. ينبغي على الكفاءات الأكاديمية استثمار المعطيات المتاحة من خلال الإحصاء للمساهمة في صياغة حلول واقعية للمشكلات التي يواجهها المجتمع المغربي، ضمن إطار مشروع إصلاحي يستجيب لتطلعات المواطنين في مجالات العيش الكريم، والسكن اللائق، والتعليم، والصحة.

إن الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 هو خطوة أساسية نحو تحقيق التنمية الشاملة في المغرب، ويعتمد نجاحه بشكل كبير على التعاون الوثيق بين الحكومة والمواطنين والمؤسسات الأكاديمية. من هنا، ندعو جميع الفاعلين للمشاركة الفعالة في هذا الورش الوطني، وتحقيق أقصى استفادة من المعطيات المتاحة لتقديم حلول تعزز التنمية المستدامة والرفاه الاجتماعي في المملكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى