الهروب الجماعي : انتحار أو بحث عن حياة أفضل

أمال أغزافي

ندرك جيدا بأن المغرب يعرف تطورا بطيئا في عدة مجالات ، مما يشكل عائقا للمواطنين بإيجاد بيئة مناسبة للاستقرار في ظل الوضعية الراهنة والتقلبات الاقتصادية والمشاكل السياسية والتدهور الاجتماعي الذي يعيشه المغرب .

 

ففي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها العديد من المواطنين في المغرب، يقرر بعض الشباب، بمن فيهم القاصرين، المغامرة وتجاوز البحر في محاولة يائسة للبحث عن فرص حياة أفضل خارج حدود البلاد، وهذا الهروب ما هو إلا تعبير عن رفض البقاء في البلد ورفض سياساته المفروضة على مواطنيه واحتجاج على الوضع المزري الذي وصل اليه المواطن المغربي .

 

هنا يطرح تساؤل عميق جدا ، من المسؤول عن ذلك هل الاسرة هل المجتمع هل مؤسسات الدولة ؟

فعمق الإشكالية المطروحة تطرح امامنا عدة تحديات مختلفة على جميع الأصعدة ، فأضحت الحياة قاسية معقدة ، فغلاء المعيشة وإرتفاع الأسعار بشكل صاروخي وتهميش التعليم والصحة، ادى بالتدهور الحالة الاجتماعية للمواطن المغربي بشكل عام والشباب بشكل خاص ،حيث لا مجال للتفكير سوى في الهروب من هذا الواقع المرير ، حتى انه لا يفكر ماهي النتيجة ، هل سيصل للضفة الاخرى أم أن البحر الذي سيخلصه هو الذي سيكون هلاكه في الاخير ، هل لهذه الدرجة اصبح التخلي عن الوطن بهذه السهولة ، هنا علينا ان نضع علامة استفهام لماذا والى اين سنصل بهذا ؟ اسباب متعدة وعوامل جمة تساهم في الهروب،قد تكون الأزمات السياسية والاجتماعية تدفع الشباب نحو الهروب ،يمكن أن يكون القمع السياسي وانعدام الحريات الشخصية ، عوامل محفزة للتمرد والبحث عن حياة أفضل خارج الوطن، وكذلك ارتفاع البطالة في صفوف الشباب وسوء الأحوال الاقتصادية ، كما يواجه الشباب في المغرب صعوبة في العثور على فرص عمل مناسبة ومستقرة، مما يدفعهم للبحث عن حياة أفضل خارج البلاد.

 

لدينا كل المؤهلات وكل الامكانيات بأن نقدم لشبابنا كل ما يحتاجون من تعليم جيد وصحة جيدة وعمل قار يصون كرامته من الذل وتحسين وضعهم الإجتماعي ، كل منا له احلام واهداف يريد تحقيقها لكن حلمه الأكبر والوحيد ان يحققها في بلده ،لأنه في بعض الاحيان سهل تحقيق الاحلام خارج البلاد لكن صعب تحقيقها في بلدك الام ، فالاحتقان بات يخيم على المواطنين من خلال سخطهم المتواصل على ما وصل إليه الوضع الاجتماعي والصحي والتعليمي .

 

ليس من الصعب التصدي لهذه الظاهرة ومواجهتها فقط علينا تعزيز الفرص الاقتصادية داخل البلاد من خلال دعم ريادة الأعمال وتوفير فرص عمل مستقرة ومناسبة للشباب،وكذلك مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في العمل الحكومي والقطاع العام لضمان توزيع عادل للثروة والفرص،وتحسين جودة التعليم وتوفير التدريب المهني لزيادة فرص العمل وتحسين المهارات اللازمة ، وتعزيز التواصل والتفاهم بين الحكومة والمجتمع المدني وتشجيع المشاركة المجتمعية في صنع القرار ، تحسين ظروف المعيشة وتوفير خدمات اجتماعية أساسية مثل الصحة والإسكان والنقل..

 

كما يجب تشجيع الفرد على الابتكار والصمود والبحث عن فرص داخل البلاد قبل اتخاذ قرار الهجرة ،هناك العديد من الفرص المتاحة في المغرب، وقد يكون الاستثمار في تطوير الذات وتنمية المهارات فعالاً لتحقيق النجاح والاستقرار.

 

يجب على المجتمع أن يعمل بشكل مشترك على تحسين الوضعية الراهنة وخلق بيئة مناسبة للاستقرار والازدهار ، باستخدام الابتكار والعمل الجماعي، لتحقيق تحول إيجابي وتحسين جودة الحياة في المغرب ومواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع من اجل تنمية بلادنا وتطوره ، وهذا يتطلب تفكيراً شاملاً وجهوداً مشتركة لحماية هؤلاء الشباب وتوجيههم نحو بدائل آمنة وقانونية تساعدهم على تحقيق أحلامهم بطريقة آمنة ومستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى