“أرشيف المغرب: من التأسيس إلى الرؤية المستقبلية”

أرشيف المغرب: من التأسيس إلى الرؤية المستقبلية

“ليست مسألة الأرشيف مسألة متعلقة بالماضي فحسب (…) إنها أيضا مسألة المستقبل، مسألة المستقبل بالتأكيد، مسألة جواب ووعد وشعور بمسؤولية بناء الغد”، هكذا يلخص الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا أهمية الأرشيف، وهو الشعار الذي تبنته مؤسسة أرشيف المغرب، كما يؤكد الأكاديمي والمؤرخ جامع بيضا، رئيس المؤسسة منذ تأسيسها.

في مساهمة ضمن كتاب جماعي صدر في 2024 عن منشورات المعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورومتوسطية والإيبيروأمريكية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، بعنوان “صَنْعَة التاريخ في المغرب: مسارات وتوجهات”، يسلط بيضا الضوء على الرحلة الشاقة التي خاضتها المؤسسة منذ انطلاقتها.

يتابع بيضا قائلاً إن “مؤسسة أرشيف المغرب نشأت من مجال خلاء، وتعمل منذ ذلك الحين على وضع الأسس اللازمة لتدارك نقص الأرشيف في المغرب”. ويشير إلى أن إنشاء المؤسسة كان نتيجة لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي دعت إلى إصدار قانون منظم للأرشيف، وهو ما تحقق في 30 نونبر 2007، ليبدأ العمل بالمؤسسة في ربيع 2011. ويضيف أن هذه البداية كانت صعبة للغاية، حيث وصفها بعض الصحافيين بـ”الولادة القيصرية”.

ويبرز بيضا الرؤية الشاملة للمؤسسة التي لا تقتصر على الفوائد التاريخية والتراثية للأرشيف، بل تمتد إلى أهميته في التنمية الاقتصادية وتعزيز الشفافية والمشاركة الديمقراطية. يُعتبر الأرشيف، وفقاً لبيضا، “ضمانة لاستمرار الإدارة والدولة”، حيث لا يمكن تصور دولة عصرية دون تنظيم عصري للأرشيف.

وثّق بيضا بعض إنجازات أرشيف المغرب، منها جرد العديد من الأرصدة ووضعها في متناول الباحثين والمهتمين، بالإضافة إلى استرجاع آلاف الأرشيفات الأصلية أو المرقمنة من دول مثل فرنسا والبرتغال والولايات المتحدة الأمريكية، واستقبال أرصدة خاصة من المغرب وخارجه مثل أرصدة محمد جسوس، محمد العربي المساري، عبد الصمد الكنفاوي، مولاي أحمد الوكيلي، عفيف بناني، وحميد التريكي.

ورغم التقدير الذي نالته المؤسسة من المجلس الدولي للأرشيف، واليونسكو، والجامعة العربية، يظل بيضا متفائلاً، قائلاً إن كل المبادرات تهدف إلى تعزيز “ثقافة الأرشيف” لدى المسؤولين والجمهور. ويؤكد أن الإنجازات لا تزال متواضعة مقارنةً بالأهداف الطموحة التي تسعى المؤسسة لتحقيقها، لأنها تدير التراث وتدبر الحاضر وتطمح إلى المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى